الحــــــــــــــــــــب فى الله

لقد قالوا و قد صدقوا زمانا ... بأن جنان دنيانا التلاقى

و لكنا و إن طالت خطانا ... فهمس الحب فى الرحمن باقى

نسافر فى أمانينا و نغدوا ... و فى أحداقنا حب الرفاقِ

تمازجت القلوب على ودادٍ ... بلا زيف خفىٍ أو نفاقِ

May 20, 2011

محمد .. غاندى .. 25 يناير




كنت أقرأ فى الايام الماضية قصة حياة "غاندى" .. ذلك المناضل الهندى ، بسلاحه ذى القوة النافذة " الساتياجراها" ..الحق او القوة المنزهة عن العنف المتسمة بالمحبة ..

و طول قراءتى للكتاب ظللت أقارن بين حياته و كفاحه ، و بين حياة خير المرسلين –محمد صلى الله عليه و سلم- ،و أسقط هذه المقارنة على واقعنا اليوم قبل و بعد 25 يناير ، و ان كنت سأكتفى ببعد ، و لنترك قبل .. فلا داعى للماضى الآن ..

لن أفصل فى هذا الموضوع و سأكتفى بنقطتين أو ثلاث فقط فى هذه المقارنة ، و لنسقطها على واقعنا اليوم ..

و إن كنت أحب أن أنوه مسبقا أن ذكر هذين المثلين و المقارنة بينهما لا يعنى اقتصارهما فقط دون غيرهما بهذه المقارنة ، و لكن هذين المثلين هما الماثلين أمامي الآن ...

أولا : العامل الروحانى ، أو الدينى ...
ثانيا : فقه الاختلاف ، و الوحدة الوطنية ..
ثالثا : الحق المنزه عن العنف ، المتسم بالحبة ...


أولا : العامل الروحانى أو الدينى ...

بعث الرسول صلى الله عليه و سلم للناس جميعا ، و ظلت دعوته 23 عام ، منها 13 عام فقط لغرس العامل الروحانى و هو الايمان يقينا بأن لا اله الا الله ، و أن محمدا رسول الله ... أكثر من نصف مدة بعثته يحيى و يزكى الايمان فى قلوب متبعيه و إن دل هذا فإنا يدل على ما للإيمان و ما يتبعه من عبادة على أثر سلوك الفرد و بالتالى المجتمع ...

و هذا ما آمن به غاندى و اعتقده – رغم كونه غير مسلم- فلقد اكتشف ان الايمان و العبادة لابد منهما لكل باحث عن الحق ، ايا كان معتقده .. فالايمان و العبادة يحيى الروح ، و هما البداية لكل من اراد الدفاع عن حق .. و ان كان قد اكتشف لاحقا انه لم يزكى هذه القيم فى نفوس متبعيه ، و قد اعترف بهذا ، و كم أثر هذا سلبا على سلوك متبعيه ففهموا كثيرا مما نصحهم بفعله فهما خاطئا و طبقوه بطريقة أكثر خطئا ..

و من هنا يجئ دور التربية الايمانية أولا ، و تزكيتها فى نفوس كل من يبحث عن حق ، حتى يتبين الصواب من الخطأ ، و تكون  لديه الحكمة للحكم على الأمور ، و اتخاذ الصائب بشأنها ..

و باسقاط هذا على واقعنا اليوم ، نجد أننا وقعنا فريسة لأعداء الدين- خاصة بعد الثورة- .. خرجت علينا الجماعات تشوه صورة الدين -أيا كان- ، و تجعله خرف بالى ، و ان الدين = العنف .. ولابد من نبذه حتى نتفرغ لمستقبلنا .. و الحقيقة أنه من تمعن بتفكيره ، وصل بفطرته إلى ان الدين ضرورة لابد منها حتى يتحقق الفرد ..و انه لابد من القيام بالجسد و بالروح معا .. فمن قام باحدهما دون الآخر ، فقد فقد كيانه كله ... و بالتالى فالمجتمع القائم بهؤلاء الافراد هو مجتمع هش ، و ها نحن أولاء (كلمة بتودينا و كلمة بتجيبنا) و نتحدث عن ديننا كعلماء ،و نحن لا نفقه من أصول و فقه ديننا الكثير ..
لذا ، فما أراه ان نجعل لديننا قسطا من دنيانا ، نتعلم أصوله و فقهه حتى نتعلم كيف نصل لحقوقنا بطريقة صحيحة .


ثانيا : فقه الاختلاف و الوحدة الوطنية ...

بالتأكيد مبدأ التخوين و اتهام الآخر ، هى آفة خرجنا بها من عصر استمر 30 عاما ، ظل يرسخ خلالها هذا المبدأ .. و من الصعب ان نتخلص منه فى غضون أيام أو شهور .. و لكن ليس من الصعب ان نبدا فى محاربته حتى يتسنى لنا التخلص منه فى يوم من الايام .. أما أن نظل أسيرى هذا المبدأ ،ومازلنا نتكلم و نخاطب بعضنا البعض بنبرة الاتهام .. رغم اننا كنا يدا واحدة فى بداية هذه الثورة .. فليس له معنى سوى إعلاء الأنا .. و (اللى يوصل هو اللى ياخد)

الاختلاف صفة قد جبل الله الناس عليها من أصغر وحدة فيهم حتى أكبرها .. فلا داعى لأن ننظر لبعضنا فى غضب ، و نتهم بعضا بعضا بالعمالة لاختلاف وجهات النظر .. إنما ما يجب النظر اليه هو الهدف الأخير .. فإذا توحد الهدف ، سهل ايجاد طرق مشتركة و نقاط التقاء بين الوجهات المختلفة ...

فعلى عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم كان هناك مبدأ الشورى ، و كان كل يفضى بوجهة نظره ، و لطالما اختلف الصحابة ، لكنهم بالأخير أخذوا بأحسنهم رأيا ...و لم يخونوا أو يقللوا من شأن من لم يؤخذ برأيه ...

و هكذا فعل غاندى فى المؤتمر الوطنى بالهند ، عندما اختلفت وجهات النظر ، و ظلوا يتداولون و تبادلون الاقتراحات حتى وصلوا لنقطة إلتقاء .. فلقد كان الهدف هو مصلحة بلدهم ، و بذلك خلصوا إلى نقطة التقاء وافقت وجهات النظر المختلفة ..

و كذلك الاختلاف فى الدين .. فقد جمعت المدينة مسلمين و نصارى و يهود .. حتى إذا ما نقض اليهود الميثاق طردوا منها ، لكنهم فى السلم عاشوا معا ، لكم دينكم و لى دينِ ... وتبادلوا الصلات الاجتماعية ، و لم ينبذوا احدا إلا لسوء أخلاقه لا لاختلاف دينه ...

و كذلك ضم غاندى فى صومعته متبعيه على اختلاف دياناتهم ، و لم ينبذ أحدا الا لو خالف التعاليم المتبعة .. و قد رأى أن الاديان جميعا تهدف إلى المحبة و الرحمة ، فلا بأس بأن يعيشوا جميعا كذلك ..

لذلك فإن نعرة الفتنة الطائفية ، أو الاحتقان الطائفى ماهى إلا نعرة مصطنعة يهدف بها مريدوها إلى هدم أعمدة هذا الوطن ،و إثارة البلبلة و عدم الاستقرار ... 

إن حب الوطن لا يعنى اطلاقا الا نختلف فى وجهات النظر و المعتقدات ... و لكنه هدف يجمعنا حوله ، لنحاول الوصول إلى أحسن الطرق للارتقاء به.


ثالثا : الحق المنزه عن العنف ، المتسم بالمحبة ..

و اعتقد ان هذا هو السلوك الحق لكل من باحث عن الحق و داعٍ إليه ..

فهكذا كان خلقه –صلى الله عليه و سلم- فلم يدعُ أصحابه إلى استخدام العنف قط مع من اختلفوا معهم فى رأى أو دين ، حتى حينما خرج من الطائف و اصابه ما أصابه .. لم يدعُ على انسان قط و إنما دعا للكل بالخير ..

فى حروبه صلى الله عليه و سلم لم يدعُ أصحابه إلى القتل ،و إنما إلى القتال ، دفاعا عن النفس و الأرض ، لهذا كانت الحروب الاسلامية أقلها قتلى ..

و فى السلم لم يرفع قط سلاحا فى وجه عدو ، و لا نطق لسانه بالشر لعدو أو صديق ، و ما اقتص لنفسه أبدا ، و انما اقتص لله .. و هكذا اقتضى به صحابته و اتباعه ...

و هكذا سلك غاندى .. فقد ابتلع قدر امكانه الاهانات التى واجهته ، لم يدعُ يوما إلى استعمال العنف ضد حكومته ، او فى اى حركة قام بها .. و إنما المطالبة بالحق ، مع الالتزام بالسلمية ...

بل لقد رفض ان يقوم بحركات احتجاجية إذا كانت هناك حركات اخرى ، حتى لا يكون ضربة ثانية فى ظهر الحكومة ، و فضل ان تكون فى توقيت آخر .. اولا ليسمع صوتها ، ثانيا حتى لا ينهك حكومته ..

و هكذا يجب ان نكون ، طالبى حق و لكن بحكمة ... نطالب بحقنا دون التهاون فى حقوق الاخرين .. فقبل أن نشرع فى المطالبة بحقوقنا ، علينا أن نسأل أنفسنا :هل أدينا ما علينا تجاه المسؤولون منا؟؟؟

ان ثورتنا لاقت ما لاقت من انبهار العالم بها ، لأنها كانت سلمية .. فهى المطالبة بالحق دون اللجوء للعنف ، و اتسمت بالمحبة بيننا و بعضنا البعض .. دون النظر إلى جنس او دين ..

و هكذا يجب ان تستمر ،و هكذا لابد ان نكون فى سائر حياتنا ... 


علينا ان ننظر على المصلحة العليا لبلدنا ، أن نضعها الهدف الذى يجب الوصول إليه و التفاوض بشأنه ..
علينا ان نفهم ديننا – ايا كان- فهما عميقا ، حتى لا يلتبس علينا الحابل بالنابل ، و أن نكون قدوة لغيرنا ..
علينا ان نتفهم وجهات نظر الاخر ، و ان نحاول التماس نقاط الالتقاء بيننا ،لا اتهام بعضنا البعض فنهوى جميعا ..
علينا ان نطالب بحقوقنا ، مع مراعاة الحقوق التى علينا ، مقدمين المحبة و التسامح على العنف فى سبيل ذلك ..

و  .. سلام

4 comments:

فارس عبدالفتاح said...

بصي يا سول

من منطلق الاختلاف فقد جانبك الصواب فمنهج الاسلام غير فلسفة غندي وان المصلحة هي اطار الاجتماع والاختلاف وليس الدين وان الاخلاق هي حاكم تلك المصالح والقيم الاخلاقية هي قيم انسانية شاملة وليس قيم دينية فقيم الدين الاسلام غير قيم فلسفة غندي ، حتى من منطلق مذهبي ضيق قيم المذهب السنية جميعا لا تجتمع ففيها مدارس فكرية وفقهية كثيرة تختلف مع بعضها البعض .

وليس هنا اي رابط بينهم لأن فلسفة عندي فلسفة طوباوية تبشر بيوتوبيا .

ام الاسلام فيه العدل والحق والدفاع عنهما بكل السبل المتاحة حتى التقال .

فلا رابط ولا مفاضلة بينهم

Soul.o0o.Whisper said...

فارس

أنا لا اقارن الاسلام بفلسفة غاندى
إطلاقا

أنا ذكرت الجانب الاجتماعى فعلا من الدعوة
أسس سارت عليها الدعوة لتعلو

و كيف اتفقت تلك الاسس عندما فكر فيها غاندى بفطرته ... فكل باحث عن الحق بفطرة سليمة يصل لتلك الاسس

ولذلك يجب علينا ايضا ان نتبعها و نحن احوج ما يكون للحق فى هذه الفترة ..و البحث عن الحقوق

و أوافقك أن من أهم ما اتفقوا عليه أيضا هى الأخلاق بالاول ..و إن كنت لم أذكرها كنقطة من ضمن النقاط لكننى اكتفيت ب3 نقاط فقط

و مرة أخرى
ما ذكرت ليس بغرض تقارب وحهات النظر بين فلسفة غاندى و دين الاسلام
و انما كباحثين عن حق كيف التقطت الاسس التى قامت عليها دعوتهما

و شكرا لك

فارس عبدالفتاح said...

صراحة مش فاهم

الجانب الاجتماعي ازاي يعني ... انا اعرف ان فلسفة غندي كانت هي المقاومة السلبية بما يسمى ( بالمقاومة السلمية او اللاعنف ) وليس هنا اي مقاومة غيرها وعلى اساسها تقوم فلسفة غندي ونشر التسامح بين الناس حتى يخلق مجتمع مثالي او اقرب الى المثالية هذه هي فلسفة غندي والبوذية والمسيحية


وقد اثبتت فشلها لانه لا يوجد مجتمع مثالي على كوكب الارض ) الحياة الدنيا ) وفي الاخير قتل غندي وتم انفصال باكستان وبعدها بنكلادش .

وهذا لا ينتقص من قدر الرجل فهو مناضل ولكن نضاله ليس بالثورة الشاملة بل بالعصيان السلبي الشامل .

اما الاسلام يوجد فيه المقاومة السلبية ولكن ليست هي السبيل الوحيد للمقاومة بل ان مقارعة السيف بالسيف هي منهج الاسلام من اجل الحق وليس للعدوان .

وان الاسلام تدرج من المقاومة السلبية بالدعوة من مهدها الى ان تم الاحتكام الى السيف .

فما هو الرابط الاجتماعي بينهما

Soul.o0o.Whisper said...

قصدى بالجانب الاجتماعى

اى ان تعيش فى مجتمع
وقت سلم
مجتمع يوجد به العديد من الاتجاهات و الديانات

فى هذه الحالة يجب عليك ان تقاوم سلميا
ان تتفهم الرأى و الرأى الاخر

أن تفترض حسن النية فى خصمك

ان تتغاضى عن المصالح الشخصية لاجل المصالح العامة

أعتقد ان هذا هو الرابط الاجتماعى بينهم