أنـــ الأمــل ـــا

تسللت أسيرة الظلام ... و بداخلي حضنت خوفي ...
قطعت الشوارع أمضى ... أملى يدفعني ، و رهبتي تبكيني ...
كنت أريدهما بأي شكل ، و بأي طريقة ...

أريدهما كطفلة فقدت أبويها ، فانطلقت تسبح في وجوه البشر لعلها تجد طوق النجاة ...
ذراعي أبيها أو حضن أمها ... هكذا كنت ..

وصلت فإذا بهؤلاء الشرذمة يحيطون البيت .. نعم بيتي و مكمني ، حصني و ملاذي ...
أيحبسونهما بالداخل ؟؟... لا ، لا أتصور مطلقا ...
لا ، إلا هما ... تركت الدنيا و ما فيها ..فلا تحرموني أحبائي...
عزتي كرامتي ، لا تحرموني منهما ...

لن أعود عن قراري ... تسللت من بينهم ...
صعدت الدرجات ... و بخفقات قلبي ، طرقت الباب ...
لست أدرى إن كانت ستعتبرني أحدهم أم ماذا ؟؟..
تهاوت العبرات من عيني ... ثقل الجسد عن حملي ...خارت قوتي ...
أفتحي ،أرجوكي...قطعت كل هذا لأجلكما ...
جثوت على ركبتي ، لثمت الباب بما أوتيت من إرادة في الحياة ...
و كأني أبعث فيه الحياة ، ليفتح لي ...
و كأنه استجاب لي ...
رفعت رأسي ... فإذا بها أمامي... لم أصدق نفسي ...
اعتصرت عيني بكل ما أوتيت من قوة ، و كأنما أحفظها بداخلهما ...
و انتصبت واقفة ، ثم ... في هلع المحبين ... ارتميت في أحضانها ...
أغلقت الباب في هدوء .. و احتوتني بكلتا يداها ..
سرى دفء عجيب في أوصالي ...

رفعت رأسي لأغمرها بدفء عيني و لأنهل من محاسنها ، حتى أشبع ...
سبحت عيناي في صفحة وجهها ، ولكم هالني ...
يا إلهي ...ما هذا ؟؟!!..
شحوب ..و بصر زائغ ... و هلع يعتريها ..
جسد نحيف لا يقوى على الصمود ...

لما رأت عيناي المشفقتان ... و الحزن يسبر أغواري ...
احتوت وجهي بكفيها ...و ابتسمت بسمة أمل ... و تألق التحدي في عينيها ..
كأنها تقول : لست أنا يا حبيبتي ... لا تبكى من أجلى ... أنا هنا ، و سأظل هنا ...
أعدك ...
تساءلت : و هو ؟؟.. يا ترى أين هو ؟؟...
لا ريب أنه في حجرته منكبا على أوراقه ، يسجل و يكتب ..
و كأنما قرأت أفكاري ... فخلت كفيها عن وجهي ...

أسرعت إليه بكل الشوق في قلبي... و طرقت الباب في خفوت ...
و دلفت إليه يدفعني حنيني ..
رفع رأسه بهدوء و نظر إلى ...
أقبلت إليه بلهفة ، نظرت في عينيه أقول لهما : جئتك يا منيتي و فؤادي ،
جئتك يا عزتي و إبائي ... جئتك أحتمي بك ...
ترقرق الدمع في مقلتيه ، و أخذني بين ذراعيه و أجلسني ...
نظرت إليه .. إلى تجاعيد الكفاح ترسم على وجه الصمود ، و نظرة التحدي
لا تفارقه ، و خط الشيب فوديه لكنه ... فى قوة و همة شاب لا ينثني أبدا ...

و أخذنا نقلب معا صفحاته ، بين ماض ملأني فخرا و تيها ... و بين حاضر ، يحاول الهجوم على
لينال منى ، و ينهيني ... كما يفعل بهما الآن ...
أم نبدأ في المستقبل ، الذي لا ريب آت ...

حبيبتي ... أملى و أملنا كلنا ...
مضى ماض تليد ... و سينتهي حاضر بغيض ...
و سيأتي مستقبل وليد ...

حبيبتي ... نطقها كليهما في ذات الوقت ...
نظر كليهما للآخر ... و كأن كل منهما يستمد قوته من الآخر ...
تشابكت أيديهما ثم ...
قبضا على قلبي ...انتفضت في مكاني ...
سرت في رعدة ...

حبيبتي ... أنتي أملنا و مستقبلنا ...
أنتي صخرتنا في وجه التيار ...
أنتي ثورتنا في وجه الطغيان ...
أنتي الجبل في وجه الإعصار ...
أنتي من سيأتي بالفجر المبين ...

انهارت مشاعري ... و أضطرب كياني ... و انهمرت دموعي ...
لم أقوى ... لم أتحمل ...
لم أشعر إلا بأناملها تداعب خصلاتي ...
و بكفه على خدي تمسح عبراتي ...
ثم طبعا قبلة إشراق على جبهتي ، سرت في أوصالي ، فأقشعر جسدي ...

هيا حبيبتي ... اذهبي فأحضريه ...
من ؟؟
فجرنا و فجرك و فجر الدنيا ...
أنا ؟؟
نعم أنت ...
تساءلت : أيكون الفجر قد ضل الطريق ؟؟
و أذهب أنا فآتي به ؟؟
لا يا حبيبتي... فجرنا فجر مبين ، أبدا لا يضل الطريق ...
لكن ربما أعترضه بعضهم ... أو أسره بعض قطاع الطريق ...
فابحثي عنه و أحضريه ..
قولي له .. طال الليل علينا حتى سئمناه ...
نريد الشمس أن تشرق ... فلابد أن تأتى ...
نعم ... لابد أن يأتي ...
لكن ... أنا؟؟
نعم ... أنتي شبابنا و أملنا ...
أنتي وداع الحاضر ، و بوابة المستقبل ..
فبمضيك تنتهي مدونة الحاضر ...
لأبدأ مدونة المستقبل ... مدونة الفجر المبين ...
هيا ..

وودعاني بنظرات ترقب و حماس ...

و مرة أخرى ... تسللت من وسطهم ... و مضيت في طريقي إلى ...
إلى الفجر المبين ...
أضم قلبي بكفي ...و أطمئن خوفي بطموحي ...
فأنا الأمل ... أنا الأمل ..

.